د/يحيى بن ابراهيم اليحيى 


د. يحيي بن إبراهيم اليحيي / أنت الأنموذج العملي

image

د. يحيي بن إبراهيم اليحيي / أنت الأنموذج العملي

بسم الله الرحمن الرحيم

إننا نتحدث كثيرًا عن أخلاق الإسلام الرائعة وعن رونقها وجمالها ونُحسِن عرضها والتدليل عليها وضرب الأمثلة على ذلك، ونكتب ونحاضر ونعظ ونذكر بها في غالب مجالسنا، ولكن واقعنا العملي بعيدٌ كلّ البعد عن ذلك، نَنصح ونأنف أن نُنصَح!، نأمر بأن يدفع الناس بالحسنة السيئة، ونحن ندفع بالسيئة الحسنة، ننتقم ونأمر بالعفو والصفح، تسيطر على نفوسنا الظنون السيئة، وننهى ونزجر بل نغضب إذا سمعنا من يظن الظن السيء بنا، نقطع ونأمر بالصلة، نغضب ونطالب بالحلم.

هل فقدت القدوة يا معشر الفضلاء، هل الأسوة في أزمة يا معشر الكرام، قلَّ أن أرى من يتمثل الأخلاق الحسنة واقعًا يراه الناس، وليس حديثا مرصّعًا بالكلمات الجميلة والعبارات المنمقة والأساليب الراقية.

دعونا نكن صريحين مع أنفسنا ونكشف أوراقنا قبل أن تكشف لنا يوم القيامة، لقد سمعت عددًا ممن يدرس هذه الأخلاق ويكتب فيها ويأمر بها ويستدل عليها ويسوق القصص التي تدل على الامتثال بها، وهو من أبعد الناس عنها، اطلعت على رسائل له مع معارفه وزملائه وبعض أقاربه ممن خالفه فرأيت فيها العارَ والشنار! يرد فيها الصاع صاعين كما يقال، يجادل بالباطل، ويعادي على المخالفة، ويناقش بالأوهام، ويخاصم على الدرهم والدينار، يقطع أرحامه وأقاربه وزملاءه السابقين لانتقادهم إياه أو نصحهم له.

يصعب عليه التنازل عن آرائه وأقواله إذا ناقشه إخوانه ومحبوه، تزكية النفس بادية في حديثه وخطابه، الظن السيئ والظن الكاذب هو الذي يسيره ويحدد علاقاته، لا يتحمل أي كلمة نقد أو نصح أو توجيه، يتحاشى محبوه والمشفقون عليه انتقادَه أو توجيهَه وإرشاده خشيةً من غضبه ومقاطعته لهم.

إن من أشد ما أخشاه أن ينزل بنا مقت الله وسخطه ونحن غافلون قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون).