د/يحيى بن ابراهيم اليحيى 


د. يحيي بن إبراهيم اليحيي / جلسنا نتراءى

image

د. يحيي بن إبراهيم اليحيي / جلسنا نتراءى

بسم الله الرحمن الرحيم

كثيرا ما يتزاور الصالحون وطلبة العلم والمصلحون فماذا يحدث في تلك الزيارات الفردية؟ هل يتناصحون؟ أو يفضي أحدهم إلى صاحبه بعيوبه وملاحظاته عليه؟ إنّ هذا من أصعب الأمور وأشدِّها عليهم، ولا يستطيع كثيرٌ منهم أن ينطق ببنت شفة بملاحظة أو عيب أو ذكر خطأ أو تقصير وجده على صاحبه؛ خشيةً من القطيعة، أو تكدير الخاطر، أو سوء الظن، أو نقص قدره عند صاحبه. وإن أراد ذكر شيء من ذلك جاء به بأسلوب بعيد وبطريقة قد لا ينتبه صاحبه إلى مراده من ملاحظته أو وجهة نظره.

إذًا فماذا يحدث في مثل تلك الجلسات الثنائية؟ تبدأ الأحاديث غالبًا بالثناء المتبادَل بينهم، وكل منهم يجزي الآخر خيرًا ويسأل الله الإخلاص ويستغفر الله، ثم يبدأ الحديثُ كلٌّ يعرض أحسن ما عنده من أعمال دعوية وخيرية، وقد يظهر ما أراد إخفاءه من عمله الصالح، ولكن يرغب كل واحد منهما أن يتجمل عند صاحبه ويظهر عمله وبذله وجهده في عمل الطاعات الدعوية والخيرية، وقد يضفي بعضهم زيادات وتنميقات على بعض أعماله حتى تظهر بالمظهر اللائق مما يثير الإعجاب في نفس صاحبه، ولم يَنسيا ترديد كلمة الإخلاص والاستغفار!

أخي الكريم الناصح لنفسه: لقد جلس سفيان الثوري والفضيل بن عياض في جلسة مذاكرة ومحاسبة، فلما انتهت الجلسة وجد سفيان أنه قد أخذ شحنة إيمانية من مجلسهما فقال للفضيل: ما أحسنَ هذه المجالس! فقال الفضيل: بل ما أقبح هذه المجالس، اخترتُ أحسن ما عندي فحدثتك به، واخترت أحسن ما عندك فحدثتني به فجلسنا نتراءى!! مع أنّ مجلسهما كان مذاكرةً ووعظًا وليس مجلس عرض الأعمال الصالحة والجهود الخيرة في مجال الإصلاح.